شرح أسم الله الحليم (سلسلة شرح أسماء الله الحسنى)
[b]مع اسم الله الحليم
السلام عليكمورحمه الله وبركاته
نلتقي أخواتي فى الله مع اسم من اسماء الله ورد ذكره فىالقرآن الكريم(11)
مرة مقترناً تارة باسمه تعالى الغني مرة واحدة, ومرة باسمهتعالى العليم(3) ومرة باسمه تعالىالشكور مرة واحدة ومع اسمه تعالى الغفور (4) مراتمقدماً ومرتين مؤخراً.
قال تعالى: {وأعلموا أن الله غفور حليم}-البقرة 23
يقول بن فارس فى مقاييس اللغة(2\93)(الحاء -واللام -والميم)
أصول ثلاثة :-
الأول: ترك العجلة.
الثاني : تثقب الشىء.
الثالث: رؤية الشىء فىالمنام.
وهى متباينة جداً تدل على أن بعض اللغة ليس قياساً وإن كان أكثرهمتقاساً.
فالأصل الأول:
الحلم خلاف الطيش.يقال :حلمت عنه أحلم,فأنا حليم.
والأصل الثاني:
قولهم حلم الأديم :إذا تثقب السمن
والأصل الثالث:
الحلم وهوالرؤيه أثناء النوم يقول حلمت أى رأيت مناماً.
وأما الحليم فى صفةالله عز وجل فهو الذى حلم على العباد فلا يعاجلهم بالعقوبة ليتوبوا إليه والحلم أىترك العجلة والطيش وكل ما يضاد الخلق المحمود الذى هو الصبر والثبات فى الأمورولذلك فهو الحليم وهوذو الصفح
والأنابة الذى لايستفزه شيء ولاغضب ولا يستخفهجهل جاهل ولاعصيان عاصي ولايستحق الصفح مع العجز أن تقول هذا حليم أنما الحليم هوالصفوح مع القدرة على الأنتقام المتأني الذى لايعجل العقوبة وأيضاًلايحبس عناأنعامه وأفضاله بمعاصينا أبداً ولكنه الحليم -العفو -الغفور.
ولايحبس رزقه عنالعاصي بل يرزقه كما يرزق المطيع ويبقيه وهو منهمك فى معاصي
وكما يبقي البر التقيبل يقيه الآفات والبلايا وهوغافل لايذكره ولايدعوه ,وهو سبحانه أيضاً يقي الناسكالعابد الذى شغلته العبادةعن المسألة.
وقد قيل أنه لايستحق أحد اسم الصلاح إلاأن يكون حليم-أى موصوف بالحلم فقد دعا أبو الأنبياء ربه فقال : {رب هب لي منالصالحين } فاأجابه ربه تعالى :{فبشرناه بغلام حليم}
فدل على أنه لايستحقالصلاح إلا مع الحلم.
فالحليم هو الذى لايستخفه عصيان العصاة ولايستفزه الغضبعليهم ولكنه جعل لكل شيء مقداراً فهو مُنته إليه.
الحلم بالكسر: الأناةوالعقل.وجمعه أحلام وحلوم .
وفي التنزيل :{أم تأمرهم أحلامهم}
ويقول الغزالي فيالمقصد الأسني 94 :
الحليم :هو الذى يشاهد معصية العصاة ,ويرى مخالفة أمره,ثملايستفزه الغضب ولايعتريه الغيظ,ولايحمله على المسارعة إلى الأنتقام مع غايةالإقتدار عجلة -وطيش.
كما قال تعالى:{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما تركعلى ظهرها من دابة} فاطر\ 40 .
يقول القرطبي في القول الأسني(1\ 92):
الحليمنطق به التنزيل قال تعالى:{وأعلموا أن الله غفور حليم} البقرة \235
ويجوزإجراؤه على العبد وصفاً منكراً,قال الله العظيم :{فبشرناه بغلام حليم}
وهذاالأسم جاء على وزن "فعيل" قرآناً وسنة للمبالغة,ولم يأتي على فاعل إلا وصفاً لغيرهذا المعنى,يقال :"حلم يحلم حلماً "
وهذا الأسم مفهومه الصبر عن إستعجالالمجازاة مع الإقتدار عليها لاستدراك العفو ,ولاظهورالفضل,وإنهاء الغدر ,أو لحكمةبالغة.
قال الخطابي:الحليم: هو ذو الصفح والأناة الذى لايستفزه غضب ولا جهلالجاهل ,ولا عصيان عاص,ولا يستحق الصافح مع العجزاسم الحليم ,إنما الحليم هو الصفوحوع القدرة ,المتأني الذى لايعاجل بالعقوبة.
قال بن الحصار:
فإن قيل :فكيفيتضمن الحلم الأناة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس :"إن فيكخصلتين يحبهما الله,الحلم والأناة" (أخرجه مسلم والترمذى وابن ماحه)
فعددهما,فأعلم أن الأناة قد تكون مع عدم الحلم,ولايصح الحلم أبداً إلا معالأناة,والأناة ترك العجلة ,فقد تكون لعارض يعرض,ولايكون الحلم أبداً إلا مشتملاًعلى الأناة.
وكذلك لايكون الحليم إلا حكيماً واضعاً للأمور مواضعها ,عالماًقادراً,فإن لم يكن قادراً كان حلمه ملتبساً بالعجز والوهن والضعف, وإن لم يكنعالماً فإن تركه الأنتقام للجهل ,وإن لم يكن حكيماً فربما كان حلمه من السفه تعالىالله عن كل ذلك علواً كبيراً.
ذكر حلم الله عزوجل في القرآن
ـــــــــــــ
قالالله العظيم :{ ولو يعجل الله للناس الشر أستعجالهم بالخير لقضي إليهمأجلهم}يونس\11.
وقال تعالى:{ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرهامن دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى}فاطر\ 32 .
وقال :{وربك الغفور ذو الرحمة لويؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب بل لهم موعداً}الكهف\85 .
وقال:{وإذا قالوااللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذابأليم} الأنفال\32.
فهذا هو الحلم العظيم ومثله:{وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبليوم الحساب} ص\16وأمثاله في القرآن كثير مما صدر من الجهال والأجلاف والسفهاء,وأشدمنه قول اليهود:{يد الله مغلولة} المائدة \64.
وقالوا أيضاً:{إن الله فقير ونحنأغنياء} آل عمران\181.
ثم هو يغنيهم من فضله وأحسانه.
قال بن القيم فىنونيته الرائعة:
وهوالحلـيم فلا يعـاجل عبـده بعقـوبة ليتـوب من عصـيانه
وهـو العفـو لـولا عفــوه لاغـارت الأرض بالسـكـان
قال القليشي:فائدةعلميه:
أما أتصاف الله سبحانه بالحلم بمعنى البراءة عن الطيش فمعلوم بالبرهانالمؤدى إلى معرفة كمال الله تعالى , وأما أتصافه بالحلم بمعنى تأخير العقوبة أورفعها فأحدهما معلوم بالمشاهدة,والثاني بالموارد النقلية وإجماع أهل الملةالحنيفية,وأما تأخير العقوبة في الدنيا عن الكفرة والفجرة من أهل العصيان فمشاهدبالعيان,ولأن نراهم يكفرون ويعصون ,وهم معافون وفي نعم الله يتقلبون,وأما رفعالعقوبة في الأخرى فلا يكون مرفوعاً إلا عن بعض من استوجبها من عصاة الموحدين وأماالكفار فلا مدخل لهم في هذا القسم ولا لهم في الآخرة حظ من هذا الاسم.
*أقتراناسمه تعالىالغني الحليم*
قال تعالى :{قول معروف ومغفرة خيراً من صدقةيتبعها أذى والله غني حليم}
وفيه معنيان:
أحدهما :
أن الله غني عنكم لنيناله شيء من صدقاتكم ,وإنما الحظ الأوفر لكم في الصدقة,ونفعها عائد إليكم لاإليهسبحانه وتعالى,فكيف يمن بنفقته ويؤذى مع غني الله التام عنها وعن سواه,ومع هذا فهوحليم إذ لم يعاجل المال بالعقوبة.
والمعنىالثاني:
أنه سبحانه وتعالى معغناه التام من كل وجه فهو الموصوف بالحلم والتجاوز,والصفح مع عطائه الواسع ,فكيفيؤذى أحدكم بمنه وأذاه مع قلة ما يعطي ونزرته وفقره.
أقتران اسمه تعالىالغفورمع الحليم
قال تعالى:{ولاتعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجلهوأعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فأحذروه وأعلموا أن الله غفور حليم}
فإنهتعالى لما ذكر التعريض بخطبة المرأة ةالدال على المعرض في قلبه رغبة فيها ومحبة لها ..ذيل الآية بهذين الاسمين العظيمين"الغفور الحليم" فلولا مغفرته وحلمه لعنتم العنت ,فإنه سبحانه مطلع عليكم علم ما في قلوبكم ,فغن وقعتم في شيءمما نهاكم عنه فبادرواإليه بالتوبة والأستغفار فإنه هو الغفور الحليم.
اللهم أقبل توبتنا أنا هدناإليك وعاملنا بكرمك وحلمك وعفوك أنك على ذلك قدير وبالأجابة جدير.
ـــــ
منقول