هذا جمع من كلام أهل العلم في تفسير قول الله جلا وعلا " الله الصمد " وذلك أني لم أكن أعرف
تفسيرها الصحيح لكثرة النقولات عن السلف ولتعم الفائدة أحببت أن أنقل كلام المفسرين وختمت
بكلام المفسر العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وغفر له . ولو أنه يوجد تكرار فمعه يكون
بإدن الله استقرار الفائدة :
تفسير أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي (المتوفى : 774هـ)
وقوله: { اللَّهُ الصَّمَدُ } قال عكرمة، عن ابن عباس: يعني الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم
ومسائلهم.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد
كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي
قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف
والسؤدد، وهو الله سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كفء، وليس كمثله شيء،
سبحان الله الواحد القهار.
وقال الأعمش، عن شقيق عن أبي وائل: { الصَّمَدُ } السيد الذي قد انتهى سؤدده، ورواه
عاصم، بن أبي وائل، عن ابن مسعود، مثله.
وقال مالك، عن زيد بن أسلم: { الصَّمَدُ } السيد. وقال الحسن، وقتادة: هو الباقي بعد خلقه. وقال
الحسن أيضا: { الصَّمَدُ } الحي القيوم الذي لا زوال له. وقال عكرمة: { الصَّمَدُ } الذي لم يخرج منه
شيء ولا يطعم.
وقال الربيع بن أنس: هو الذي لم يلد ولم يولد. كأنه جعل ما بعده تفسيرًا له، وهو قوله: { لَمْ يَلِدْ
وَلَمْ يُولَدْ } وهو تفسير جيد. وقد تقدم الحديث من رواية ابن جرير، عن أبي بن كعب في ذلك، وهو
صريح فيه.
وقال ابن مسعود، وابن عباس، وسعيد بن المسيب، ومجاهد، وعبد الله بن بُريدة، وعكرمة أيضا،
وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، وعطية العوفي، والضحاك، والسدي: { الصَّمَدُ } الذي لا جوف
له.
قال سفيان، عن منصور، عن مجاهد: { الصَّمَدُ } المصمت الذي لا جوف له.
وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام، ولا يشرب الشراب.
وقال عبد الله بن بُرَيدة أيضًا: { الصَّمَدُ } نور يتلألأ.
روى ذلك كلَّه وحكاه: ابن أبي حاتم، والبيهقي والطبراني، وكذا أبو جعفر بن جرير ساق أكثر ذلك
بأسانيده، وقال:
حدثني العباس بن أبي طالب، حدثنا محمد بن عمرو بن رومي، عن عبيد الله بن سعيد قائد
الأعمش، حدثني صالح بن حيان، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه قال -لا أعلم إلا قد رفعه-قال: {
الصَّمَدُ } الذي لا جوف له.
وهذا غريب جدًا، والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن بريدة.
وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة له، بعد إيراده كثيرًا من هذه الأقوال في
تفسير "الصمد": وكل هذه صحيحة، وهي صفات ربنا، عز وجل، وهو الذي يُصمَد إليه في الحوائج،
وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد
خلقه. وقال البيهقي نحو ذلك [أيضا] . ه
تفسير أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي
(المتوفى : 671هـ)
{اللَّهُ الصَّمَدُ} أي الذي يصمد إليه في الحاجات. كذا روى الضحاك عن ابن عباس، قال: الذي يصمد
إليه في الحاجات؛ كما قال عز وجل: {ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} . قال أهل اللغة: الصمد:
السيد الذي يصمد إليه في النوازل والحوائج. قال:
ألا بكر الناعي بخير بني أسد ... بعمرو بن مسعود وبالسيد الصمد
وقال قوم: الصمد: الدائم الباقي، الذي لم يزل ولا يزال. وقيل: تفسيره ما بعده "لم يلد ولم يولد".
قال أبي بن كعب: الصمد: الذي لا يلد ولا يولد؛ لأنه ليس شيء إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا
يورث. وقال علي وابن عباس أيضا وأبو وائل شقيق بن سلمة وسفيان: الصمد: هو السيد الذي قد
أنتهى سؤدده في أنواع الشرف والسؤدد؛ ومنه قول الشاعر:
علوته بحسام ثم قلت له ... خذها حذيف فأنت السيد الصمد
وقال أبو هريرة: إنه المستغني عن كل أحدا، والمحتاج إليه كل أحد. وقال السدي: إنه: المقصود في
الرغائب، والمستعان به في المصائب. وقال الحسين بن الفضل: إنه: الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما
يريد. وقال مقاتل: إنه: الكامل الذي لا عيب فيه؛ ومنه قول الزبرقان:
سيروا جميعا بنصف الليل واعتمدوا ... ولا رهينة إلا سيد صمد
وقال الحسن وعكرمة والضحاك وابن جبير: الصمد: المصمت الذي لا جوف له؛ قال الشاعر:
شهاب حروب لا تزال جياده ... عوابس يعلكن الشكيم المصمدا
قلت: قد أتينا على هذه الأقوال مبينة في الصمد، في (كتاب الأسنى) وأن الصحيح منها. ما شهد
له الاشتقاق؛ وهو القول الأول، ذكره الخطابي. ه
تفيسر الجلالين : جلال الدين محمد بن أحمد المحلي (المتوفى : 864هـ) و جلال الدين عبد
الرحمن بن أبي بكر السيوطي (المتوفى : 911هـ)
" اللَّه الصَّمَد " مُبْتَدَأ وَخَبَر أَيْ الْمَقْصُود فِي الْحَوَائِج عَلَى الدَّوَام . ه
تفسير عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله السعدي (المتوفى : 1376هـ)
{ اللَّهُ الصَّمَدُ } أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية
الافتقار، يسألونه حوائجهم، ويرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد
كمل في علمه، الحليم الذي قد كمل في حلمه، الرحيم الذي [كمل في رحمته الذي] وسعت
رحمته كل شيء، وهكذا سائر أوصافه. ه
تفسير العلامة الفقيه المفسر محمد بن صالح العثيمين رحمه الله المتوفي سنة 1421 ه
{الله الصمد} جملة مستقلة، بين الله تعالى أنه {الصمد} أجمع ما قيل في معناه: أنه الكامل في
صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته. فقد روي عن ابن عباس أن الصمد هو الكامل في علمه،
الكامل في حلمه، الكامل في عزته، الكامل في قدرته، إلى آخر ما ذكر في الأثر . وهذا يعني
أنه مستغنٍ عن جميع المخلوقات لأنه كامل، وورد أيضاً في تفسيرها أن الصمد هو الذي تصمد إليه
الخلائق في حوائجها، وهذا يعني أن جميع المخلوقات مفتقرة إليه، وعلى هذا فيكون المعنى
الجامع للصمد هو: الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته . ه