منطق الحب ..
بقلم:إبراهيم المصري
المتعة الحسية مشروعة فى الزواج، ولكنها يجب أن تقترن بتهذيب الفطرة واحترام الجسد. ذلك لأن غاية الزواج هي الصحة والقوة للفرد والسلالة والمجموع، ولا صحة ولا قوة إلا في التعفف، التعفف العاقل الرشيد الذى لا ينحدر إلى التقشف والزهد بل يسمو إلى الحياة الراقية المتحضرة، فيأخذ من الملذات الحسية بقسط، ليستطيع أن يأخذ من الملذات المعنوية بأقساط.
كلما هذب الرجل من غرائزه تهذبت المرأة، وكلما ارتقى بعواطفه ارتقت المرأة، وكلما أراد أن يكون زوجا محبا مخلصا وفيا، تفوقت المرأة عليه، وأبت أن تكون زوجة فحسب، بل زوجة وأما ومربية ومدبرة، ومجاهدة وبطلة، فالرجل العاقل الذكي هو الذى يحرص على استقامة مسلكه، ولا يجد غضاضة في الإعراب عن حبه لامرأته، وهذا يشجعها على توكيد قيمتها، ويدفعها إلى مضاعفة البذل والعطاء من تلقاء نفسها.
أعرف زوجات ينفقن معظم ما يربح أزواجهن على الطعام والكساء والمتع الكمالية الباطلة، ويهملن اقتناء تلك الأدوات الصغيرة الرخيصة التي تنهض عليها حياة بيوتهن .. فترى أولئك الزوجات المصونات المحترمات يرسلن بأبنائهن أو خدمهن إلى بيوت الجيران في طلب مقص أو حلة أو مصفاة أو أبرة وابور أو مشبك غسيل.. وقد يتفق أن تنسى الجارة ما أعارته لجارتها، فتنساه السيدة المصونة بدورها، وتستولي عليه، وتعتبره على مر الأيام ملكا حلالا لها .. وقد يتفق أن تطالب الجارة بما أعارته لجارتها، وتكون السيدة المصونة ما تزال في حاجة إليه، فتتباطأ وتتلكأ، بل تتجهم وتتبرم، وتظل تنتحل الأعذار كي تبقي ذلك الشيء الرخيص في حوزتها أطول زمن مستطاع، ولو استهدفت كرامتها لشن ضروب المهانة والتجريح .. فهذه العادة المرزولة الشائعة في كثير من بيوتنا ترجع إلى نقص في فهم وتقدير ما هية البيت عند طائفة كبيرة من نسائنا. فهن بجهلهن أن معنى كلمة بيت هو الاستقلال.
وأنه لا استقلال دون كرامة، ولا كرامة دون اكتفاء .. فالبيت الذى يملك كفايته من أدواته، والتي تجاهد ربته لتستغني دائما عن عون الغريب، هو البيت الذى يغرس في قلوب أفراده روح الاستقلال، ومعنى الكرامة، وقيمة المسئولية، وكراهية الاستهتار والإهمال و"البلطجة".
قل أن يعرف البخيل معنى الحب، إذ الحب هبة، وكل هبة تستحيل في نظر البخيل إلى مال، حتى ولو كانت هبة عواطف مجردة.
أن توزع شخصية رجل بين امرأتين لا يدل على أن هذا الرجل يمكن أن يحب امرأتين في وقت واحد، كل ما في الأمر أنه يشتهى شيئين مختلفين يود أن يراهما مكتملين في امرأة واحدة كي يتحقق معنى الإيثار الذي هو قاعدة الحب. فالمرأة التي تنقذنا من التوزع، وتشعرنا بوحدة شخصيتنا، هي وحدها المرأة التي في وسعنا أن نقول إننا حقا نحبها.
المرأة التي تفخر بجمالها فقط ، تعترف أنها لا تملك شيئا آخر أعز وأثمن وأبقى من هذا الجمال.
المرأة التي تفتح بابا وتنسى أن تغلقه، و تخفي شئيا ثم تنسى موضعه، وتعتبر بحادث ثم تنسى عبرته، وتؤتمن على سر ثم تنسى أن تكتمه. هذه المرأة الطائشة هي شر على زوجها من جميع ضروب الكوارث مجتمعة.
النساء أثبت في الحقد منهن في الحب.
النساء أفضل من الرجال لأن فيهن نزعة أصيلة إلى خدمة الغير عند الشدة دون توقع شكر أو جزاء ...
نشرت فى مجلة الجيل عدد 368 بتاريخ 12-12- 1960
يدينا ويديكم الصحة والعمر